في زمنٍ لا ينتظر فيه المجرم ولا المواطن، نجحت وزارة الداخلية المصرية في استغلال قوة السوشيال ميديا، وحوّلت صفحتها الرسمية على فيسبوك إلى ما يشبه دوريات أمنية رقمية تجوب الفضاء الإلكتروني لفرض النظام وردع المخالفين.
اليوم، يتابع الصفحة أكثر من 8.4 مليون شخص، ويتفاعل معها يوميًا ما يزيد عن 27 ألف مواطن، بين تعليق ومشاركة وتقديم بلاغ. إنها ليست مجرد منصة إعلامية، بل غرفة عمليات مفتوحة على الهواء مباشرة.
من البلاغ الإلكتروني إلى التنفيذ الميداني
لم يعد تقديم البلاغ مقتصرًا على الاتصال الهاتفي أو الحضور لقسم الشرطة؛ كل ما على المواطن فعله هو تصوير الواقعة ورفعها على الصفحة.
في واقعة التوك توك على الأوتوستراد، انتشر فيديو لشاب يقود برعونة ويحمل أداة حادة. النتيجة؟ ضبط فوري وإعلان رسمي.
في قضية شهاب، لم تمر ساعات على نشر الفيديو حتى تم ضبطه، وتقديمه للمحاكمة التي انتهت بحكم بالسجن عامين.
هكذا، تحولت البلاغات الرقمية إلى إجراءات ميدانية فورية، تضيف ثقة وقوة لوجود الدولة في الشارع.
الجمهور يشارك في إنفاذ القانون
أبرز ما يميز هذه الصفحة هو أنها جعلت المواطن شريكًا مباشرًا في حماية الأمن. تعليقات الدعم مثل «ستفكر 100 مرة قبل ما تغلط» و«تحيا الشرطة المصرية» تعكس شعورًا عامًا بأن هناك منصة قريبة من الناس، تستجيب لهم وتعمل من أجلهم.
المنشور الشهير «خليها تنضف»، الذي عرض ضبط حالات استعراض متهور، تحوّل إلى شعار شعبي يربط بين هيبة القانون ورغبة الناس في الشوارع الآمنة.
الردع النفسي قبل الملاحقة الأمنية
وجود هذه الصفحة النشطة خلق حالة جديدة من الردع؛ أي شخص يفكر في خرق القانون يدرك أن كاميرات الهواتف والمواطنين قد تلاحقه، وأن الداخلية تتابع وتتحرك. النتيجة: أمن نفسي جماعي قبل حتى وقوع الجريمة.
التجربة المصرية مع صفحة وزارة الداخلية
التجربة المصرية مع صفحة وزارة الداخلية على فيسبوك تؤكد أن مستقبل الأمن ليس فقط في الشوارع، بل أيضًا على المنصات الرقمية.
المواطن يوثق ويبلغ، والوزارة تنفذ وتنشر، والجمهور يشاهد ويدعم، لتتحول السوشيال ميديا إلى سلاح ردع جماعي يحافظ على النظام ويعزز هيبة القانون.
في عالم تحكمه سرعة المعلومة، أثبتت وزارة الداخلية أن قوة الردع يمكن أن تبدأ من بوست على فيسبوك، وتنتهي بضبط الجاني في الشارع. إنها قصة نجاح أمنية رقمية، تستحق أن تُدرّس.