الدبلوماسية المصرية تُظهر "العين الحمراء" ضد ...

"باب أي سفارة مصرية.. خط أحمر ، واللي يقرب له هيتحاسب فورا"، هكذا قالها بوضوح وزير الخارجية المصري  الدكتور بدر عبد العاطي في مشهد يعكس مزيجًا نادرًا من هيبة الدبلوماسية وصلابة الصعيد، حسب وصف رواد مواقع التواصل لمشهد الوزير ابن أسيوط، وهو يتحدث بحزم لا يعرف المجاملة، في واقعة أثارت إعجاب الآلاف وأشعلت موجة إشادة على المنصات، وتصدرت "التريند" في عالم السوشيال ميديا.

تصريحات بدر عبد العاطي 

الفيديو، الذي انتشر كالنار في الهشيم، أظهر الوزير وهو يخاطب سفير مصر في هولندا عماد حنا بشأن محاولة إغلاق باب السفارة المصرية في لاهاي، مؤكداً أن ما جرى لن يُسمح بتكراره، وأن أي يد تمتد على بعثة مصرية بالخارج يجب أن تواجه بردع فوري وحساب صارم.

"كل الأجهزة في مصر مستاءة مما حدث".. هكذا قال الوزير بلهجة تجمع بين الانضباط الرسمي وحرارة الصعيدي المعروف بدمه الحامي، مضيفاً أن ما وقع في هولندا كان دافعاً لمحاولات مشابهة ضد بعثات مصرية أخرى، وهو أمر لن يُقبل أبداً.

في المقابل، أوضح السفير أن سفارته كانت أول من واجه هذه الحوادث، وأنه يواجه محاولات شبه يومية للتعدي، ما اضطره لسحب الحراسة من مقر سكنه لتعزيز حماية السفارة، مشيراً إلى أن العدد الكلي للحراس لا يتجاوز ثلاثة.

وظهر وزير الخارجية متحدثًا بحزم حول حصار السفارات، حيث قال: "الهدف من حصار السفارات نشر بعض الصور لتظهر مصر كدولة منتهكة مغلوب على أمرها، وعلى رأسها بطحة وهذا أمر غير مقبول"، مضيفًا: "أنا أقول هذا الكلام على مسؤوليتي وأنا وزير الخارجية، من يحاول وضع قفل على باب السفارة أو وضع دهان "طلاء" عليه، يتم الإمساك به وتكتيفه ووضعه داخل السفارة واستدعاء الشرطة، وغير مقبول أن يلمس أحد جدار السفارة، وأنا فعلت هذا الأمر وأنا في بروكسل في عز الفوضى في 2012".

المعاملة بالمثل 

المشهد، الذي مزج بين الحزم والهوية، تحوّل إلى أيقونة نقاش على السوشيال ميديا حول قوة الدبلوماسية المصرية في الخارج، ورسالة واضحة بأن هيبة الدولة لا تتجزأ، سواء كانت على ضفاف النيل أو أمام أبواب سفاراتها في أقاصي العالم. 

وقال عبدالعاطي إن كافة الأجهزة في مصر مستاءة مما حدث في هولندا، وإنه أكد أكثر من مرة أن من يحاول لمس باب أي سفارة يجب أن يحاسب.

بدوره، دافع سفير مصر في هولندا عن نفسه، وقال إن السفارة المصرية في هولندا كانت أول سفارة تعرضت لمثل هذه الوقائع، وإن السفارات المصرية في باقي البلدان اتخذت حذرها بعد ذلك، مضيفًا: "نتعرض لمحاولة يوميا أو كل يومين، ونتصدى لهذا الأمر، واضطررت لسحب حراس الأمن من دار السكن للمشاركة في حماية السفارة، وأن السفارة لا يوجد بها سوى 3 حراس أمن".

وتابع السفير أنه سعيد بحديث وزير الخارجية عن مبدأ المعاملة بالمثل، لافتا إلى أن السفارة الهولندية في القاهرة لديها تأمين كبير، وأنه عندما يطلب منهم تأمين أكبر للسفارة المصرية في لاهاي، لا يهتمون، ليرد وزير الخارجية: "سنعاملهم بالمثل، وسنخفف الحراسات، وإذا تحدث إليك أحد هناك عن التخفيف اديله على دماغه"، وعلّق على الأمر بـ "أنتم من تقاعستوا ولو استمر الأمر سيكون بدل تخفيف الحراسة رفع كامل".

وأضاف وزير الخارجية: "سيتم اتخاذ إجراءات ضد الدول المتخاذلة والدول الأوروبية المتخاذلة في حماية السفارات تتعلق بتخفيف الإجراءات الأمنية عن سفاراتهم في القاهرة".

وفي تصريحات متلفزة، أمس، قال إن مصر تحركت بحزم تجاه الاعتداءات التي استهدفت سفارات مصر في عدد من الدول الأوروبية.

وتابع عبد العاطي خلال لقائه مع الإعلامي أسامة كمال في برنامج "مساء dmc"، أن القاهرة لجأت فورًا إلى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، باعتباره إحدى الأدوات الدبلوماسية الفاعلة لردع أي انتهاك يطال البعثات المصرية.

ولفت إلى أن وزارة الخارجية استدعت سفراء تلك الدول عبر مساعد الوزير للشؤون الأوروبية، وخلال الاجتماع، جرى إبلاغهم بضرورة الالتزام الكامل بحماية البعثات الدبلوماسية المصرية، وتحمل المسؤولية عن أي تقصير أمني أو خرق للقوانين الدولية المنظمة للعلاقات بين الدول.

كما أعلن الوزير أن مصر اتخذت خطوة ردعية بخفض مستوى التأمين المحيط بسفارات هذه الدول في القاهرة، في رسالة واضحة بأن حماية البعثات مسألة متبادلة تحكمها القوانين الدولية، مؤكدا أن هذا الإجراء يأتي في إطار سياسة المعاملة بالمثل، التي تعد حقا مشروعا لأي دولة تتعرض بعثاتها لانتهاكات أو اعتداءات.

ولفت عبدالعاطي إلى أن التحذيرات المصرية دفعت بعض الدول إلى تعزيز الإجراءات الأمنية حول السفارات المصرية على أراضيها، وإلى أن هذا التجاوب جاء إما استجابة مباشرة لضغط القاهرة، أو نتيجة تنسيق دبلوماسي عاجل بين الجانبين لضمان أمن البعثات.

وشدد وزير الخارجية على أن السفارات ومحيطها تخضع لحماية صارمة بموجب القانون الدولي، ولا يجوز المساوزيرس بها تحت أي ظرف، مؤكدا أن الاعتداء على السفارات يعد خرقا جسيما للمواثيق الدولية، يستوجب ردودا دبلوماسية حازمة، وأن مصر لن تقبل بأي تهاون في هذا الملف.

واختتم عبدالعاطي تصريحاته بالتأكيد على أن مصر ستواصل اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لضمان سلامة بعثاتها الدبلوماسية بالخارج.

وأضاف أن الحفاظ على سيادة الدولة واحترام ممثليها في الخارج أولوية قصوى، وأن الرسالة المصرية واضحة: "أمن البعثات خط أحمر".

وفي وقت سابق خلال  الشهر الماضي، أقدم ناشط مصري في هولندا على إغلاق أبواب السفارة المصرية، بواسطة أقفال، احتجاجا على الموقف المصري واستمرار إغلاق معبر رفح.

ووثق الناشط أنس حبيب عبر صفحته على "فيسبوك"، وضع أقفال على مدخلي السفارة الرئيسيين، فيما حاول أحد موظفي السفارة الاعتداء عليه وسط الشارع، قبل أن يعود أدراجه إلى السفارة.