تسير موريتانيا بخطى ثابتة نحو ريادة قطاع الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، عبر سن تشريعات محلية وإبرام شراكات دولية كبرى، مستفيدة من موقعها الجغرافي المميز وتكلفة الوقود التنافسية.
وسلّطت مديرة إدارة الهيدروجين منخفض الكربون بوزارة الطاقة والنفط الموريتانية تقية أعبيد الرحمن، الضوء على أبرز ملامح قطاع الهيدروجين الأخضر في موريتانيا، ورؤية البلاد المستقبلية.
وأكدت، في حوار اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أن موريتانيا على أصبحت الخريطة العالمية للهيدروجين الأخضر بفضل اعتراف العديد من الوكالات الدولية المرموقة بإمكاناتها الهائلة.
كما أشارت تقية أعبيد الرحمن إلى أن تحقيق طموحات موريتانيا في مجال الهيدروجين الأخضر يتطلب معالجة عدة تحديات رئيسة.
سباق الهيدروجين الأخضر في أفريقيا
تقول تقية أعبيد الرحمن، إن هناك عدة عوامل تجعل البلاد في وضع فريد يؤهلها لأداء دور قيادي في قطاع الهيدروجين الأخضر.
فقد صنّف مشروع إتش 2 أطلس-أفريقيا (H2Atlas-Africa) -مؤخرًا- موريتانيا في المرتبة الأولى بين 38 دولة أفريقية من حيث تكلفة الهيدروجين الأخضر وإمكانات إنتاجه، مؤكدةً بذلك مكانتها بوصفها أكثر مُنتجي الهيدروجين الأخضر تنافسية في أفريقيا.
وأشارت المسؤولة في الوزارة إلى أن هذه الميزة النسبية القوية تنبع من موارد موريتانيا الاستثنائية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وأراضيها الشاسعة قليلة السكان، وقربها من المحيط الأطلسي؛ ما يوفر إمدادات مياه مستقرة ضرورية للتحليل الكهربائي.
والأهم من ذلك؛ فإن التكامل الفريد بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يُمكّن من توليد كهرباء خضراء مستقرة وفاعلة من حيث التكلفة؛ وتدعم هذه الظروف المواتية إنتاجًا للهيدروجين الأخضر قابلًا للتوسع ومنخفض التكلفة، بحسب ما أكدته مديرة إدارة الهيدروجين منخفض الكربون، في حوارها مع منصة "إنرجي كونكتس" (Energy Connects).
وقالت تقية أعبيد الرحمن: "بتخصيص 5% من ساحلنا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، لدينا القدرة على إنتاج 12 مليون طن من الهيدروجين سنويًا بأسعار تنافسية للغاية".
وأضافت أن موقع موريتانيا الجغرافي يُعد أيضًا ميزةً أساسية؛ إذ تقع على مقربة من أوروبا وتتمتع بشبكة مواصلات جيدة مع الأسواق العالمية الرئيسة -بما في ذلك آسيا وغيرها من مراكز الهيدروجين الناشئة- ما يُتيح ميزةً واضحةً لتصدير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بحسب التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
قانون الهيدروجين الأخضر في موريتانيا
يُرسخ قانون الهيدروجين الأخضر في موريتانيا مكانتها بوصفها دولة رائدة في مسيرة التحول نحو الطاقة النظيفة في أفريقيا.
وعلّقت مديرة إدارة الهيدروجين منخفض الكربون بوزارة الطاقة والنفط الموريتانية تقية أعبيد الرحمن، أن قانون الهيدروجين الأخضر يُمثل التزام موريتانيا ببناء قطاع هيدروجين أخضر قوي وجاهز للمستقبل، ويُرسخ مكانة البلاد بوصفها نموذجًا محتملًا لأفريقيا في وضع أطر جاهزة للاستثمار في التقنيات الخضراء.
كما يوفر القانون الوضوح والاستقرار والرؤية طويلة المدى اللازمة لجذب استثمارات واسعة النطاق؛ إذ تهدف موريتانيا إلى تهيئة الظروف اللازمة للشركاء الدوليين للاستثمار بثقة، وللمشروعات للانتقال من مرحلة الفكرة إلى مرحلة التنفيذ، من خلال إرساء إطار عمل شفاف وقابل للتنبؤ وتمكيني.
وقالت تقية أعبيد الرحمن: "نحن نطبق هذا بالفعل من خلال التفاوض على الاتفاقيات العالمية لاثنين من أكثر مشروعات الهيدروجين طموحًا في القارة؛ وهما مشروعا أمان ونور".
وأوضحت أن هذه المشروعات صُممت لخدمة أسواق التصدير وسلاسل القيمة المحلية، بما في ذلك الفولاذ الأخضر.
تحديات الهيدروجين الأخضر في موريتانيا
تواجه موريتانيا عدة تحديات يتعين عليها تجاوزها لتحقيق طموحاتها في مجال الهيدروجين الأخضر.
وقالت مديرة إدارة الهيدروجين منخفض الكربون بوزارة الطاقة والنفط الموريتانية تقية أعبيد الرحمن، إن تحقيق طموحات موريتانيا في مجال الهيدروجين الأخضر يتطلب معالجة التحديات الرئيسة؛ بما في ذلك فجوات البنية التحتية، وعدم اليقين التنظيمي، ومحدودية رأس المال البشري.
واعتمدت الحكومة نهجًا إستراتيجيًا تدريجيًا؛ ففي عام 2022، أطلقت موريتانيا خريطة الطريق الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون، والتي حددت رؤية واضحة، وتطويرًا تدريجيًا، وتنسيقًا مؤسسيًا، ودعمًا للتعاون الدولي والمحتوى المحلي.
وتبع ذلك إصلاحات قانونية رئيسة: تعديل قانون الكهرباء لدعم توسيع الشبكة، وتكامل الطاقة المتجددة، ومشاركة القطاع الخاص، في حين جرى تحديث قانون الاستثمار لتحسين الشفافية، وتبسيط العمليات، وحماية المستثمرين.
وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أُجريت دراسة شاملة، بالتعاون مع البنك الدولي، لسد فجوات البنية التحتية في موريتانيا لاستضافة مشروعات الهيدروجين الأخضر بقدرة 80 غيغاواط، واكتملت في عام 2024، بحسب ما صرحت به تقية أعبيد الرحمن.
وأسهمت هذه الدراسة بشكل كبير في تحديد المجالات الرئيسة للتطوير، ويؤدي الاتحاد الأوروبي دورًا محوريًا في دعم التوصيات.
وقالت تقية أعبيد الرحمن: "تلتزم موريتانيا ببناء منظومة هيدروجين مستدامة وشاملة، قائمة على شراكات طويلة المدى ومرتكزة على القدرات المحلية".
مستقبل الطاقة في موريتانيا
بالنظر إلى المستقبل، أوضحت مديرة إدارة الهيدروجين منخفض الكربون بوزارة الطاقة والنفط الموريتانية تقية أعبيد الرحمن، أن مستقبل الطاقة في موريتانيا يرتكز على 3 أولويات إستراتيجية أساسية؛ وهي:
- تحقيق وصول شامل إلى طاقة موثوقة وبأسعار معقولة بحلول عام 2030، مع 50% على الأقل من مصادر الطاقة المتجددة.
- دفع عجلة النمو الصناعي في قطاعات رئيسة مثل التعدين.
- ترسيخ مكانة البلاد بوصفها مركزًا إقليميًا وعالميًا للطاقة.
ويُعد الهيدروجين الأخضر محورًا أساسيًا لهذه الرؤية؛ إذ يُتيح الهيدروجين مسارًا تحويليًا، خلال الوقت الذي سيلبي فيه الغاز الطبيعي الاحتياجات قصيرة الأجل.
وأشارت تقية أعبيد الرحمن إلى مزايا الهيدروجين؛ إذ سيساعد على إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها، ويعزز عائدات التصدير، ويدفع عجلة التنمية الصناعية المحلية، ويخلق فرص عمل ماهرة للشباب الموريتانيين.
ويُعد الفولاذ الأخضر من أكثر الفرص إثارة؛ وتُصدر موريتانيا حاليًا أكثر من 14 مليون طن من خام الحديد سنويًا بفضل بنيتها التحتية التعدينية المتطورة، وتهدف إلى مضاعفة هذا الرقم 3 مرّات بحلول عام 2030.
ومن خلال الجمع بين الهيدروجين منخفض الكربون وخام الحديد الوفير، يُمكن للبلاد إنتاج الحديد المختزل المباشر محليًا، والارتقاء بسلسلة القيمة، وترسيخ مكانتها في الاقتصاد العالمي منخفض الكربون، بحسب ما صرحت به تقية أعبيد الرحمن.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: