في صمت خلف أمواج خليج العقبة، ترسو سفينة عملاقة تحمل في أحشائها شريان طاقة جديد لمصر، يربطها بالأردن عبر خط من الغاز يمد البلاد بالنور والقوة، وليست مجرد عملية استيراد عابرة، بل خطوة استراتيجية وسط سباق الصيف الساخن بين الإنتاج والطلب، حيث لا مكان للتباطؤ حين تدور توربينات الكهرباء بلا توقف.
إمدادات الغاز الطبيعي من سفينة التغويز “إينرجيوس فورس”
بدأت مصر هذا الأسبوع استلام إمدادات الغاز الطبيعي من سفينة التغويز "إينرجيوس فورس" الراسية في ميناء العقبة الأردني، بطاقة تصل إلى 300 مليون قدم مكعب يومياً.
وكانت السفينة قد وصلت إلى العقبة الأسبوع الماضي محملة بالغاز المسال المخصص لمصر، لتبدأ بتغذية الشبكة الوطنية بكميات ثابتة تساهم في سد جزء من فجوة الاستهلاك المحلي.
ثلاث وحدات في ميناء العين السخنة ووحدة رابعة في العقبة
وتعتمد القاهرة حالياً على أربع سفن تغويز، منها ثلاث وحدات في ميناء العين السخنة ووحدة رابعة في العقبة، توفر مجتمعة نحو 2.8 مليار قدم مكعب من الغاز يومياً بحسب احتياجات السوق، مع خطط لإضافة سفينة خامسة قبل نهاية العام الجاري.
زيادة استهلاك محطات الكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة
وتنتج مصر حالياً نحو 4.06 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي يومياً، بينما يتجاوز الطلب المحلي 7 مليارات قدم مكعب، وهو رقم يرتفع بشكل ملحوظ خلال أشهر الصيف نتيجة زيادة استهلاك محطات الكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة.
وفي ظل هذه الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، تتجه البلاد إلى استيراد ما يقرب من 46 شحنة من الغاز المسال خلال أغسطس وسبتمبر 2025، بتكلفة تقديرية تبلغ 2.6 مليار دولار، لتلبية احتياجات محطات التوليد وضمان استقرار الإمدادات.
ورغم التواصل، لم تصدر وزارة البترول أي تعليق رسمي حول تفاصيل الصفقة أو خطط الإمداد المستقبلية، ما يترك الساحة مفتوحة للتكهنات بشأن إستراتيجية مصر في مواجهة تحديات الطاقة خلال المواسم المقبلة.
تؤكد هذه الخطوة أن مصر تمضي قدماً في خططها لتعزيز أمن الطاقة وضمان استقرار الإمدادات خلال فترات الذروة، خاصة مع ارتفاع الطلب المحلي الذي يتجاوز 7 مليارات قدم مكعب يومياً.
ويعكس الاعتماد على سفينة التغويز في العقبة، إلى جانب الوحدات الأخرى في العين السخنة، مرونة في إدارة الموارد وتنوعاً في مصادر الإمداد.
كما يشير استيراد 46 شحنة غاز مسال خلال شهري أغسطس وسبتمبر إلى استعداد الدولة لمواجهة تحديات الصيف وضمان استمرار عمل محطات الكهرباء بكفاءة، وتظل هذه الجهود جزءاً من رؤية أوسع لتحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك وتلبية احتياجات المواطنين والصناعة.
