بعد شكاوى المواطنين..
بينما يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة لتحسين الخدمات الحكومية، فإن استخدامه بطرق غير منظمة أو غير قانونية، خاصة في مجالات حساسة مثل الإسكان الاجتماعي، يثير تحديات حقيقية تتطلب حلولًا عاجلة.
ولعل مبادرة "سكن لكل المصريين7" تمثل اختبارًا مهمًا لقدرة المنظومة على تحقيق العدالة الرقمية وضمان وصول الدعم لمستحقيه دون استغلال أو تحايل، وكان قد جرى أمس حجز شقق الإعلان الأول من المبادرة الرئاسية «سكن لكل المصريين 7» لمتوسطي الدخل، المتقدمين للحجز داخل مدينة حدائق أكتوبر.
ووفقًا للمعلن رسميًا من صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، يجري حجز شقق الإعلان الأول «سكن لكل المصريين 7» لمتوسطي الدخل داخل مدينة حدائق أكتوبر، إلكترونيًا بأسبقية الحجز، عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للصندوق، تسهيلًا على المتقدمين لحجز الوحدات.
ولكن أثار النفاذ السريع للوحدات مع على موقع صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، موجة جدل بين الحاجزين، بعد شكاوى من أن بعض الشركات والأفراد استغلوا تقنيات الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها الروبوتات (الشات بوت)، لحجز وحدات الإسكان المتوسط إلكترونيًا، مقابل مبالغ مالية يحصلون عليها من المواطنين.
ففي الوقت الذي يفترض أن تكون عملية الحجز عبر الموقع الإلكتروني لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، متاحة للجميع بشكل عادل وشفاف، ظهرت شكاوى من متقدمين أكدوا أن الوحدات المتاحة نفدت بسرعة لافتة، في نفس لحظة فتح باب الحجز تقريبًا، وهو ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت بعض شركات السمسرة والوسطاء تستخدم أدوات تقنية متقدمة لحجز أكبر عدد ممكن من الوحدات في وقت قياسي، أم أنها مجرد تفاوت سرعات الإنترنت كما يردد بعض موظفى الصندوق وهو ما دفعنا لاستطلاع رأي عدد من الخبراء التقنيين عن مدى إمكانية ذلك؟!
دور الشات بوت في الحجز السريع
من جانبه قال الدكتور مصطفى ثابت أستاذ مساعد الحاسبات والمعلومات بجامعة الفيوم وخبير الذكاء الاصطناعي، أنه يمكن برمجة االروبوتات (الشات بوت) المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لتسجيل الدخول، وإدخال البيانات، وتنفيذ عمليات الحجز خلال ثوانٍ معدودة، وهو ما يمنح مستخدميها أفضلية على المواطنين الذين يحجزون يدويًا.
وأوضخ أنه من غير المستبعد أن تكون بعض شركات الوساطة قد استغلت ثغرة فى نظام الحجز على الموقع الإلكتروني لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، واستخدمت الربوتات في القيام بالحجز لعدد من المستفيدين وهذا قد ينتج عن خلل تكنولوجي فى بناء الموقع، وهو ما يستدعي مراجعة شاملة وإعادة تأمين لموقع الصندوق.
من جهته شدد الدكتور إسلام نصر الله خبير التحول الرقمي على أن استخدام هذه التقنيات في مثل هذه العمليات يتطلب رقابة صارمة من الصندوق، إذ يمكن أن يؤدي إلى إقصاء مواطنين مستحقين للوحدات بسبب عدم تمكنهم من مجاراة سرعة هذه الأنظمة، رغم توافر الشروط فيهم.
وحذر نصر الله، من أن السماح بانتشار مثل هذه الممارسات قد يؤدي إلى فقدان الثقة في المنظومة الإلكترونية للحجز، ما لم يتم تطوير أساليب تحقق تكنولوجية تمنع البرامج الآلية من إجراء الحجوزات، مثل التحقق البشري Captcha أو تحديد أوقات وصول عشوائية للمستخدمين.
ويقترح الخبراء أن يتم استبدال نظام أسبقية الحجز بنظام القرعة الإلكترونية بين المستحقين، بحيث يتم منح الجميع فرصًا متساوية بعيدًا عن سرعة الإنترنت أو قدرات البرامج الآلية.
"المواطنون ينتقدون أسبقية الحجز... ومطالب بالتحول إلى القرعة الإلكترونية"
من جهتهم عبر عدد من الحاجزين عن استيائهم من طريقة الحجز المعتمدة على أسبقية الحجز، مشيرين إلى أن هذه الآلية قد تكون غير مناسبة في ظل التطور التكنولوجي واستخدام البعض لبرامج وروبوتات مخصصة لحجز الوحدات.
وقال أحد المواطنين: "دخلت على الموقع فور فتح الحجز، لكن الوحدات كانت قد نفدت خلال أقل من دقيقة، كيف يمكن أن يحدث ذلك دون وجود وسيلة تكنولوجية تمنح الأفضلية للبعض؟"، فيما أشار آخرون إلى أن الدفع لشركات أو أفراد مقابل ضمان الحجز أصبح ظاهرة تثير القلق، خاصة في ظل غياب رقابة تقنية فورية.
وقد رصدت "الفجر" بعض الرسائل المجهولة التى تروج لحجز وحدات الإسكان المتوسط بالإعلان السابع لمبادرة سكن لكل المصريين عبر ريبوتات الدردشة (الشات بوت) مقابل تحصيل مبالغ مالية من الحاجزين.
وطالب عدد من الحاجزين عبر موقع "الفجر"، المهندس شريف الشربيني وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة باستبدال ألية "أسبقية الحجز" للوحدات بالقرعة الإلكترونية دون أى تدخل بشري ضمانًا للشفافية وتغلبا على أى عقبات تقنية يمكن أن يواجهها الحاجزين مثل ضعف سرعة الإنترنت.
صندوق الإسكان الاجتماعي... دور رقابي متزايد
حتى الآن، لم يصدر بيان رسمي من صندوق الإسكان الاجتماعي حول استخدام الروبوتات في عمليات الحجز من عدمه، لكن مصادر داخل الصندوق أكدت لـ "الفجر" أن هناك اتجاهًا لتشديد المراقبة على عمليات الدخول إلى الموقع أثناء فترات الحجز، والتأكد من أن المستخدمين هم أشخاص حقيقيون، وليسوا برامج أو روبوتات ذكية.
وأكد المصدر أن الموقع مؤمن بشكل جيد جدا ومن الصعب استخدام الربوتات فى الحجز عبر الموقع، مشيرًا إلى أن الإقبال الشديد على الوحدات وهو ما أدى إلى نفاذها فى وقت قصير، لافتًا إلى أن هناك الكثير من الوحدات ويمكن للحاجزين الذين لم يحالفهم الحظ فى الحصول على شقة التقدم للحجز مرة أخرى.
