في يوم الجمعة المقبل، يعقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قمة مرتقبة في ولاية ألاسكا الأمريكية، وذلك لمحاولة تقريب وجهات النظر وحلحلة الأزمة الأوكرانية المستمرة للعام الرابع.
ترامب وبوتين على طاولة واحدة
لقاء الزعيمان، يأتي بعد الزيارة التي قام بها ستيف ويتكوف المبعوث الأمريكي إلى العاصمة موسكو الأسبوع الماضي ولقاءه بسيد الكرملين، والتي نتج عنه عقد هذه القمة المرتقبة بين ترامب وبوتين التي تم وضعها تحت المجهر الإعلامي وتحليلها من مختلف الزوايا ووضع سيناريوهات مستقبلية عما سينتج عنها أما رؤية إيجابية ونهاية للحرب الروسية الأوكرانية أو نظرة سوداوية قاتمة للأزمة الأوكرانية خاصة في ظل تمسك كل طرف من أطراف النزاع بشروطه وعدم الموافقة على تقديم تنازلات لوقف هذه الحرب.
توقيت القمة كما اشارنا من المقرر أن يكون يوم الجمعة القادم، أما المكان سيكون في ألاسكا لكن اختيار هذه الولاية لكي تكون نقطة التقاء الزعيمان فهي لأسباب وتحمل إبعاد سياسية وتاريخية وليس مجرد اختيار عشوائي للمكان فكل شئ بحساب ويحمل إذ أصح التعبير رسائل مشفرة تهدف من ورائها نقل رسالة للطرف الأخر.
يقول مستشار بوتين المؤثر للشؤون الخارجية، يوري أوشاكوف، إن ألاسكا كانت موقعًا "منطقيًا تمامًا" للقمة.
لماذا ألاسكا..؟
وتُعدّ ألاسكا مكانًا آمنًا للزعيم الروسي ليزوره. ولا يزال بوتين مطلوبًا من قبل المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب تتعلق بالترحيل القسري للأطفال من أوكرانيا إلى روسيا في مارس 2023. وقد صدرت مذكرة توقيف بحقه، لكن لا روسيا، ولا الولايات المتحدة تحديدًا، تعترفان بالمحكمة. كما لا توجد أي دول معادية للتحليق فوقها.
اشترت الولايات المتحدة ألاسكا من روسيا في عام 1867، مما أعطى الاجتماع أهمية تاريخية.
كانت المرة الأخيرة التي احتلت فيها ألاسكا مركز الصدارة في حدث دبلوماسي أمريكي في مارس 2021، عندما التقى الفريق الدبلوماسي والأمني الوطني الجديد بقيادة جو بايدن بنظرائهم الصينيين في أنكوريج. وتحولت الجلسة إلى متوترة، حيث اتهم الصينيون الأميركيين بـ"الاستعلاء والنفاق".
وذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن القمم الأمريكية الروسية، أو بالأحرى الأمريكية السوفيتية، عُقدت في أماكن أكثر برودة، مما يعكس بشكل عام موقعي البلدين الشماليين. ولعل أبرزها بلا شك قمة هلسنكي. ففي العاصمة الفنلندية عام 2018، وهي آخر مرة التقى فيها ترامب وبوتين خلال فترة ولايته، أعلن الرئيس الأمريكي أنه يثق ببوتين أكثر من ثقته بأجهزة استخباراته فيما يتعلق بمزاعم التدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016.
وأشارت إلى أنه خلال الحرب الباردة عقدت قمة ريكيافيك عام 1986، حيث ناقش رونالد ريجان وميخائيل جورباتشوف التخلص من الأسلحة النووية، لكنهما لم يتفقا تمامًا. أراد جورباتشوف من ريجان التخلي عن تجارب مبادرة الدفاع الصاروخي "حرب النجوم"، لكن الرئيس الأمريكي آنذاك لم يوافق على ذلك، فانتهت القمة بالفشل. ولكن في التسعينيات، عندما كانت اجتماعات القمة بين البلدين أكثر تواترًا، التقى بيل كلينتون وبوريس يلتسين في برمنغهام وشروبشاير عام 1998، في وقت كانت فيه روسيا قد انضمت لتوها إلى ما أصبح يُعرف آنذاك بمجموعة الثماني.
ولم تنجح الجولات الثلاث من المحادثات بين روسيا وأوكرانيا التي عقدت بناء على طلب ترامب هذا الصيف في تقريب الجانبين من السلام حتى الآن.
وتزايدت الإحباطات وحدد ترامب يوم 8 أغسطس موعداً نهائياِ لبوتين للموافقة على وقف فوري لإطلاق النار أو مواجهة عقوبات أمريكية أكثر شدة.
ومع اقتراب الموعد النهائي، أعلن ترامب أنه وبوتين سيلتقيان شخصيا في 15 أغسطس.
وقال مسؤول في البيت الأبيض إن ترامب مستعد لعقد اجتماع ثلاثي يضم أيضا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكن في الوقت الحالي، تظل القمة بين ترامب وبوتن، كما طلب الزعيم الروسي في البداية.
ردا على أنباء قمة ألاسكا، قال زيلينسكي إن أي اتفاقات دون مساهمة من كييف ستكون بمثابة "قرارات ميتة".
وفي حديثه لشبكة فوكس نيوز يوم الأحد، اقترح نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس أن ينضم زيلينسكي إلى بوتن وترامب لإجراء محادثات في وقت لاحق، لكنه قال إنه في الوقت الحالي لن يكون "مثمرا" بالنسبة لزيلينسكي أن يلتقي بوتن قبل اجتماع ترامب مع الزعيم الروسي في ألاسكا
تنازلات أوكرانية مقابل إنهاء الحرب
تحاول إدارة ترامب التأثير على الزعماء الأوروبيين بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار من شأنه تسليم مساحات شاسعة من الأراضي الأوكرانية إلى روسيا، حسبما ذكرت قناة سي بي إس نيوز.
وذكرت مصادر مطلعة على المحادثات أن الاتفاق من شأنه أن يسمح لروسيا بالاحتفاظ بالسيطرة على شبه جزيرة القرم، والسيطرة على منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، والتي تضم دونيتسك ولوجانسك.
واحتلت روسيا شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني في عام 2014 وتسيطر قواتها على غالبية منطقة دونباس.
وبموجب الاتفاق، يتعين على روسيا أن تتخلى عن منطقتي خيرسون وزابوريجيا الأوكرانيتين، حيث تتمتع حاليا ببعض السيطرة العسكرية.
