في أسبوع شهد تقلبات واضطرابات حادة في الأسواق العالمية، تمكنت الفضة من الحفاظ على مكانتها كأحد أبرز المعادن النفيسة الملاذة الآمنة، مستفيدة من مزيج من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي عززت الطلب عليها.
وفقًا لتقرير مركز “الملاذ الآمن” للأبحاث، استقر سعر جرام الفضة عيار 800 في السوق المحلية عند 52 جنيهًا خلال تعاملات الأسبوع، بينما سجل عيار 999 نحو 65 جنيهًا، وعيار 925 قرابة 60 جنيهًا، فيما بلغ سعر جنيه الفضة (عيار 925) حوالي 480 جنيهًا.
وعالميًا، افتتحت أوقية الفضة تعاملات الأسبوع عند 36.96 دولارًا، وأغلقت عند 38.26 دولارًا، محققة مكاسب أسبوعية تقارب 3%، محافظة على قرب أعلى مستوياتها في 13 عامًا. هذا الأداء كان متفوقًا نسبيًا على الذهب الذي سجل ارتفاعًا بنسبة 1% فقط، رغم قفزة تاريخية في العقود الآجلة للذهب إلى 3534 دولارًا للأوقية، إثر تقارير عن نية الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية على سبائك الذهب المستوردة، ما أحدث صدمة في الأسواق.
وحافظت الفضة على تماسكها فوق مستوى 38 دولارًا للأوقية، مع تراجع نسبة الذهب إلى الفضة إلى نحو 89، مقارنة بمستويات تجاوزت 100 في أبريل، مما يعكس قوة نسبية لأداء الفضة في الآونة الأخيرة.
ويعزى هذا الأداء إلى بيانات أمريكية أظهرت ارتفاع طلبات إعانة البطالة لأعلى مستوى منذ عام 2021، مما رفع توقعات الأسواق بخفض وشيك للفائدة في سبتمبر بنسبة احتمال تفوق 80%، وهو ما أدى إلى ضعف العوائد على الأصول الأخرى وزيادة جاذبية المعادن النفيسة كسبائك الذهب والفضة.
كما ساهمت التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، إلى جانب بوادر التهدئة في النزاع الأوكراني، في رفع حالة عدم اليقين، وبالتالي تعزيز الطلب على الملاذات الآمنة.
منذ بداية العام، برزت الفضة بشكل لافت باختراقها حاجز 35 دولارًا في يونيو واقترابها من 40 دولارًا في يوليو، وهو أعلى مستوى لها خلال 13 عامًا. أما الذهب، فقد ارتفع بحوالي 30% منذ يناير، مدفوعًا بمشتريات قياسية من البنوك المركزية والمخاوف التضخمية، قبل أن تلحق به الفضة في الربع الثاني مدعومة بأساسيات صناعية قوية وتدفقات صناديق الاستثمار.
تعزّزت هذه الصورة بتقارير المؤسسات الكبرى؛ حيث رفع بنك HSBC توقعاته لسعر الفضة في 2025 إلى 35.14 دولارًا، مع التنويه إلى ارتباط صعود الفضة بالذهب. في المقابل، حذرت بلومبرج من أن النسبة المرتفعة للذهب إلى الفضة في الربيع تشير إلى ركود محتمل، لكنها قد تمهد لتفوق الفضة في حال بدأ الفيدرالي بخفض الفائدة.
وأكد مجلس الذهب العالمي أن عوامل مثل ضعف الدولار الحقيقي، وتراجع الفائدة الحقيقية، واستمرار التوترات التجارية، تظل داعمة لأسعار الذهب والفضة على حد سواء.
وبالرغم من التحذيرات من احتمالية تأثير أي هبوط حاد في الذهب على مكاسب الفضة، تظل آفاق المعدن الأبيض إيجابية، خصوصًا مع استمرار السياسات النقدية التيسيرية وارتفاع التضخم، إضافة إلى التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة الذي يعزز الطلب الصناعي على الفضة، مما يمنحها قاعدة دعم قوية على المدى المتوسط.