شهدت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، في السادس من أغسطس 2025، تدشين أحد أكبر الاستثمارات الصناعية الهندية في مصر، حيث تم وضع حجر الأساس لمجمع صناعي ضخم في منطقة شرق الإسماعيلية، ضمن نطاق وادي التكنولوجيا في سيناء، بقيمة إجمالية تبلغ 75 مليون دولار أمريكي، وذلك من خلال شراكة بين شركتي "ويلو فيرو ألويز الهند" و"فيرو جينيسيس".
وحضر حفل التدشين كل من سفير الهند لدى القاهرة سوريش ريدي، ومحافظ الإسماعيلية اللواء أكرم جلال، ورئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس المهندس وليد جمال الدين، إلى جانب ممثلين عن الشركتين الهنديتين، في خطوة تمثل نقلة نوعية في مسار العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وفقًا لموقع "بيزنس إنسايدر".
صناعة السبائك الحديدية: من الاستيراد إلى الإنتاج المحلي
يستهدف المشروع إنتاج مواد صناعية استراتيجية مثل السيليكون منجنيز والفيروسليكون، وهي مكونات أساسية في صناعة الصلب، والتي كانت مصر تعتمد سابقًا على استيرادها.
وتبلغ تكلفة المرحلة الأولى من المشروع 40 مليون دولار، بواقع 25 مليون دولار لشركة "ويلو فيرو ألويز" و15 مليونًا لـ"فيرو جينيسيس"، مع خطط للتوسع على ثلاث مراحل.
يُعد هذا المشروع مساهمة مباشرة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الأولية عالية الأهمية، بما يعزز من قدرات مصر الصناعية ويقلل الاعتماد على الواردات.
فرص عمل وتنمية إقليمية
من المتوقع أن يوفّر المشروع في مراحله الأولى نحو 300 فرصة عمل مباشرة، منها 120 وظيفة لصالح "ويلو فيرو" و150 وظيفة لـ"فيرو جينيسيس"، إلى جانب أكثر من 1000 فرصة عمل غير مباشرة، مما يدعم التنمية المحلية ويعزز من الحراك الاقتصادي في شرق الإسماعيلية.
كما يساهم المشروع في توفير العملة الصعبة، إذ من المنتظر أن يقلل من فاتورة الاستيراد بما يوازي 75 مليون دولار سنويًا، وهو ما يعادل قيمة الاستثمار ذاته، مما يعكس عائدًا سريعًا ومؤثرًا على الاقتصاد المصري.
مصر منصة إقليمية للإنتاج والتصدير
الموقع الاستراتيجي للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وما تتمتع به من موارد طبيعية مثل الكوارتز والمنجنيز، يمنح المشروع قدرة تنافسية عالية في الوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.
وتعتبر "ويلو فيرو ألويز الهند" من الشركات العالمية الرائدة في هذا القطاع، وتدير مصانع في الهند وزامبيا، وتوسّع نشاطها في سلاسل الإمداد اللوجستية في تنزانيا، وهو ما يعكس ثقة كبيرة في السوق المصري.
رؤية مشتركة للنمو الصناعي
أكد المهندس وليد جمال الدين أن وادي التكنولوجيا يمثل ركيزة صناعية محورية في مدينة الإسماعيلية الجديدة، فيما شدد محافظ الإسماعيلية اللواء أكرم جلال على أهمية الاستثمارات الصناعية في دعم التنمية المتكاملة بالمنطقة.
من جانبه، وصف السفير الهندي المشروع بأنه "رمز للشراكة الاستراتيجية العميقة" بين مصر والهند، في وقت تجاوز فيه إجمالي الاستثمارات الهندية في مصر 5 مليارات دولار، ويعمل أكثر من 55 كيانًا هنديًا في القطاع الصناعي، توفر ما يزيد على 45 ألف فرصة عمل، وتساهم بما يقارب مليار دولار من الصادرات سنويًا.
يمثل المشروع نموذجًا لنجاح السياسات المصرية الهادفة إلى توطين المدخلات الصناعية وتعزيز جاذبية المناخ الاستثماري.
ومن خلال هذه الشراكة، تواصل مصر ترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في سلاسل التوريد العالمية، وتفتح آفاقًا جديدة لنمو اقتصادي قائم على الصناعة والابتكار، بما يعزز موقعها كبوابة استراتيجية بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.