الحشائش المائية وورد النيل.. 4 كلمات أشبه بكابوسٍ يؤرق المسؤولين عن إدارة الموارد المائية والري في مصر ليل نهار، فتلك النباتات الضارة لا تتكاثر بسرعة وتعرقل حركة المياه في نهر النيل والقنوات والترع فحسب، بل تسبب خسائر إقتصادية كبيرة وتضعف كفاءة شبكة الري بأكملها، في ظل الطرق التقليدية المرهقة لرصدها ومكافحتها، والتي تتطلب وقتًا طويلًا وجهدًا كبيرًا، فضلًا عن صعوبة مراقبة وتقييم جهود التطهير بدقة، لكن اليوم، مصر لم تعد تخوض المعركة مع الحشائش المائية وورد النيل على الأرض فقط، بل من الفضاء أيضًا، في خطوة غير مسبوقة تؤسس لمرحلة جديدة في إدارة مواردنا المائية.
بالأمس مصر متمثلة في وزارة الموارد المائية والري، ناقشت الاستعانة بأحدث التقنيات الفضائية لمواجهة هذه المشكلة، من خلال تطبيق ذكي يعتمد على صور الأقمار الصناعية لتقديم حل جذري وسريع لمراقبة الحشائش المائية والحد من انتشارها، في خطوة جادة نحو إدارة مائية ذكية توفر الوقت والجهد والمال، وتضمن الاستدامة لمستقبل الأجيال القادمة.
عين ساهرة من السماء.. كيف يعمل التطبيق الجديد؟
يعتمد هذا التطبيق على برنامج متطور يعمل على منصة Google Earth Engine، وهي منصة عالمية قادرة على تحليل كميات هائلة من البيانات الفضائية بشكل فوري، فيعمل التطبيق كعين ساهرة من السماء، فيحلل صور الأقمار الصناعية لتمكن المسؤولين من اتخاذ قرارات دقيقة وسريعة.
ويقوم التطبيق بمسح صور الأقمار الصناعية بشكل مستمر لتحديد المسطحات المائية في جميع أنحاء مصر، من الشمال إلى الجنوب، ليوفر صورة شاملة ودائمة لحالة النهر وشبكة الري بالكامل.
ويستخدم التطبيق مؤشرًا خاصًا يميز بدقة بين أنواع الغطاء المائي المختلفة، فهو قادر على تحديد ما إذا كانت المنطقة تحتوي على حشائش عائمة تغطي سطح الماء، أو حشائش غاطسة تحت السطح، أو مياه صافية لا يوجد بها أي عوائق.
خريطة تفاعلية تُحدّث نفسها تلقائيًا
وتُعرض كل هذه البيانات على خريطة تفاعلية تُحدّث نفسها تلقائيًا، وتظهر بوضوح المناطق التي تحتاج إلى تدخل فوري، وتعطي هذه الخريطة المسؤولين بوزارة الموارد المائية والري صورة واضحة وحية عن الوضع الفعلي للمجاري المائية في الوقت الحقيقي، مما يسمح بتوجيه فرق العمل بدقة وسرعة إلى الأماكن الأكثر احتياجًا، بدلًا من الاعتماد على المسح الميداني التقليدي.
ويتجاوز التطبيق مجرد رصد الحشائش فقط فهو يلغي الحاجة إلى المسح الميداني التقليدي، الذي كان يستغرق وقتًا طويلًا وتكلفة كبيرة، وتوفر معلومات فورية للمسؤولين، كما يقلل التطبيق من النفقات الباهظة المرتبطة بعمليات المسح والمتابعة التقليدية، مما يجعلها حلًا اقتصاديًا مثاليًا لتوسيع نطاق المراقبة والمتابعة المستمرة.
كما يمكن المسؤولين من متابعة أعمال إزالة الحشائش وتقييم كفاءتها مباشرة على الخريطة، مما يضمن استخدام الموارد بكفاءة عالية وتحقيق أقصى استفادة من جهود التطهير، كما يساعد في رصد أي انتشار جديد للحشائش في مراحله المبكرة، مما يتيح التدخل السريع قبل أن تتحول المشكلة إلى أزمة كبيرة يصعب التعامل معها.
وزير الري يوجه بمعايرة نتائج تطبيق رصد الحشائش لضمان الدقة
الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، أعلن عن توجه الوزارة نحو استخدام أحدث التقنيات الفضائية لمواجهة مشكلة الحشائش المائية وورد النيل، وذلك ضمن استراتيجية الوزارة للجيل الثاني من منظومة الري 2.0.
أشار وزير الري، إلى أن الحاجة ملحة لاستخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة، مثل الاستشعار عن بعد وصور الأقمار الصناعية، لمتابعة انتشار هذه الحشائش بصفة مستمرة، خصوصًا في ظل النقص في أعداد العمالة المتاحة لأعمال التطهير التقليدية، وأن هذه التقنية الجديدة ستمكن المسؤولين من اتخاذ قرارات سريعة وفعالة لمكافحة هذه الآفة، والتي تُعد عائقًا أمام كفاءة شبكة الري.
أكد وزير الري، أن الأداة الجديدة لن تقتصر على المراقبة فقط، بل ستقدم حلولًا مبتكرة لزيادة كفاءة العمليات الميدانية، حيث سيساهم التطبيق بشكل كبير في كشف أي تلاعب في المستخلصات وحصر الكميات التي يتم تطهيرها، مما يضمن الشفافية والفاعلية في استخدام الموارد المخصصة لهذه الأعمال.
ولضمان دقة النتائج، وجه وزير الري، بضرورة معايرة النتائج الأولية الصادرة عن التطبيق، من خلال مقارنتها بالوضع الفعلي على الطبيعة، لتهدف هذه الخطوة إلى تطوير التطبيق وزيادة دقته، ليصبح أداة موثوقة يمكن لأجهزة وزارة الموارد المائية والري الاعتماد عليها بشكل كامل لرصد الحشائش المائية وورد النيل واتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل معها بسرعة وفعالية.
