تتبنّى مؤسسة البترول الكويتية رؤية إستراتيجية بعيدة المدى تمتد حتى عام 2040، ترتكز على تنويع مصادر الدخل، وتعزيز كفاءة قطاعي التكرير والبتروكيماويات، وزيادة الحضور العالمي عبر استثمارات نوعية ذات مردود اقتصادي مستدام.
وتعمل المؤسسة على تطوير طاقاتها الإنتاجية داخل الكويت وخارجها، من خلال رفع الطاقة التكريرية، وتحديث المصافي، وتكامل العمليات مع قطاع البتروكيماويات، بالإضافة إلى التوسع في الأسواق الواعدة.
وتعكس الخطط استجابة المؤسسة للتحوّلات العالمية في قطاع الطاقة، وتزايد الحاجة إلى مرونة تشغيلية وتقنيات متقدمة، بما يضمن استدامة الإيرادات الوطنية وتحقيق أعلى كفاءة في استغلال الموارد.
ووفقًا للتقرير السنوي لمؤسسة البترول الكويتية، الذي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تتضمن إستراتيجية المؤسسة مستهدفات دقيقة، من بينها بلوغ قدرة تكريرية محلية تصل إلى 1.6 مليون برميل يوميًا مع نهاية العام الجاري (2025)، وزيادة إنتاج البتروكيماويات إلى 14.5 مليون طن سنويًا بحلول 2040، ما يُعدّ نقلة نوعية في مسيرة قطاع النفط الكويتي.
التكرير والتصنيع
يمثّل قطاع التكرير والتصنيع أحد أهم أذرع مؤسسة البترول، إذ يضطلع بتحويل النفط الخام إلى منتجات مكررة عالية الجودة تلبّي الطلب المحلي والدولي.
وتُعدّ شركة البترول الوطنية الكويتية الذراع التشغيلية الرئيسة لهذا القطاع داخل البلاد.
وفي السنة المالية 2024/2025، بلغ متوسط التكرير في مصفاتي ميناء الأحمدي وعبد الله نحو 798.6 ألف برميل يوميًا، متجاوزًا المعدل المستهدف بفضل رفع الطاقة التشغيلية ضمن مشروع (Creep).

كما حُمّلت 456 باخرة من مصفاة الأحمدي، وهو أعلى رقم في تاريخها، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وشهدت المصافي إنجازات تشغيلية لافتة، من بينها إنتاج وقود طائرات وفق مواصفات دولية، وزيت وقود السفن منخفض الكبريت، وتسجيل مؤشرات عالمية في معايير السلامة والهندسة، إذ حققت مصفاة ميناء عبدالله معدل 102.6 وفق تقييم "مارش"، بينما سجلت مصفاة الأحمدي 98.4 نقطة، وهو الأعلى في تاريخها.
مصفاة الزور
شكّل تدشين مصفاة الزور لحظة فارقة في خطة مؤسسة البترول الكويتية، إذ تُعدّ من أكبر المشروعات النفطية الإستراتيجية في تاريخ الكويت.
وقد بلغت طاقتها الفعلية 507.5 ألف برميل يوميًا خلال 2024/2025، رغم صعوبات تكرير الخام الثقيل.
وسجّلت المصفاة وفورات مالية ملموسة، بلغت نحو 459 ألف دينار (نحو 1.5 مليون دولار) سنويًا نتيجة تحسين استهلاك الوقود والبخار، بالإضافة إلى وفورات بقيمة 14.2 مليون دولار نتيجة تحسين إجراءات التشغيل وخفض فترات التوقف.
(الدينار الكويتي = 3.27 دولارًا أميركيًا)

وبلغ صافي إنتاج شركة البترول الوطنية الكويتية من المشتقات النفطية نحو 40.56 مليون طن متري، في حين سجلت الشركة الكويتية للصناعات البترولية المتكاملة إنتاجًا بلغ 24.9 ألف طن متري خلال السنة المالية ذاتها.
وارتفع معدل اللقيم المُوجّه لمصنع إسالة الغاز إلى 1,982.6 مليون قدم مكعبة يوميًا، وهو أعلى من المستهدف في الخطة، ما يعكس الاستفادة القصوى من كميات الغاز المتاحة محليًا.
توسع إستراتيجي خارج الكويت
تحقّق مؤسسة البترول الكويتية تقدمًا ملحوظًا في قطاع التكرير خارج البلاد، عبر مشروعات ضخمة في أسواق عالمية. ففي فيتنام، أسفرت عمليات مجمع "نغي سون" عن إيرادات بلغت 124 مليون دولار خلال 2024، بفضل مبادرات تحوّلية رفعت نسب التشغيل إلى 120% من الطاقة التصميمية.
وفي سلطنة عمان، بدأ التشغيل التجاري لمصفاة الدقم في يونيو/حزيران 2024، ما أتاح الاستفادة من ضمانات التمويل، وتحقيق وفورات بلغت 41.1 مليون دولار حتى مارس/آذار 2025.
كما سجّلت مصفاة ميلاسو الإيطالية أداءً تشغيليًا مستقرًا دون حوادث للعام الرابع على التوالي، بالتزامن مع تعزيز مرونتها عبر معالجة خامات حمضية.
حضور بقطاع التجزئة الأوروبي
عززت مؤسسة البترول الكويتية حضورها في قطاع التجزئة الأوروبي عبر استحواذها على 50% من شركة "إيكو فوكس" Eco Fox لإنتاج الوقود الحيوي، فضلًا عن تدشين محطات شحن كهربائية في بلجيكا وإيطاليا، ورفع عدد نقاط الشحن إلى 1,260.
كما فازت بعقود امتياز لمحطة الوقود الأكبر في أوروبا، ووقّعت اتفاقية للاستحواذ الكامل على شركتي "أجريفير" و"أراما" في إيطاليا، المتخصصتين في الغاز الحيوي والغاز الطبيعي المسال، ما يدعم مساعي التحوّل نحو طاقة أنظف وأكثر استدامة.

قطاع البتروكيماويات في الكويت
يُعدّ قطاع البتروكيماويات في الكويت أحد أبرز مجالات النمو المستهدفة ضمن إستراتيجية مؤسسة البترول الكويتية، ويُدار عبر شركة صناعة الكيماويات البترولية، التي تسعى إلى تحويل المواد البترولية إلى منتجات كيميائية تضيف قيمة اقتصادية عالية، وتُستعمل في صناعات حيوية مثل البلاستيك والأسمدة والمواد الصناعية الأخرى.
وخلال السنة المالية 2024/2025، سجّلت الشركة أرباحًا بلغت 58.5 مليون دينار (191.46 مليون دولار)، رغم التحديات العالمية، ما يعكس كفاءة التشغيل ومرونة النموذج المالي.
وتسعى الشركة إلى تعزيز وجودها الخارجي عبر فرص استثمارية واعدة. ففي الصين، حصل مشروع استثماري قائم على موافقة مجلس إدارة المؤسسة. وفي أميركا اللاتينية، اكتملت الدراسات الفنية لمشروعات بتروكيماوية محتملة، بما في ذلك في البرازيل.
وتُعدّ الاستعدادات الجارية لإطلاق مشروع الأولفينات الرابع خطوة إستراتيجية كبيرة، بعد تأكيد توفر كميات الغاز اللازمة، والحصول على موافقة مبدئية لبدء التفاوض مع شريك دولي.
محليًا، حصلت شركة صناعة الكيماويات البترولية على المركز الثالث في جائزة سمو أمير البلاد للمصانع المتميزة، في حين تصدّرت "إيكويت" قائمة المصانع المتميزة، ما يعكس التزام قطاع البتروكيماويات بالجودة والابتكار.
الخلاصة:
تُشكّل إستراتيجية مؤسسة البترول الكويتية حتى عام 2040 خريطة طريق شاملة لتطوير سلسلة القيمة في قطاعي التكرير والبتروكيماويات، من خلال مشروعات توسعية محلية ودولية، وتعزيز الابتكار التشغيلي، واستهداف أسواق جديدة.
ويُتوقع أن تسهم هذه الإستراتيجية في تنويع الاقتصاد الكويتي، وتعظيم العوائد من الموارد الطبيعية، وترسيخ موقع الكويت بصفتها لاعبًا محوريًا في السوق العالمية للطاقة، ضمن منظومة تتجه تدريجيًا نحو التحول المستدام.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: