أخبار عاجلة
القبض على مونلي صديق البلوجر سوزي الأردنية -

أزمة المياه تهدد الساحل السياحي بتركيا: الفنادق في مأزق

أزمة المياه تهدد الساحل السياحي بتركيا: الفنادق في مأزق
أزمة المياه تهدد الساحل السياحي بتركيا: الفنادق في مأزق

تواجه المناطق الساحلية السياحية في تركيا، التي تُعد من أبرز وجهات العطلات في العالم مثل أنطاليا، بودروم، مارماريس، وإزمير، أزمة مياه غير مسبوقة تهدد استدامة القطاع السياحي، أحد أعمدة الاقتصاد التركي. تُشير التقارير إلى أن هذه الأزمة ناتجة عن مزيج من عوامل الجفاف المطول، وتغير المناخ، وسوء إدارة الموارد المائية، مما أدى إلى انخفاض حاد في إمدادات المياه.

وأشار تقرير لموقع التلفزيون السويسري، سويس إنفو، إلى أن الفنادق، التي تعتمد بشكل كبير على المياه لتلبية احتياجات السياح، مثل تشغيل حمامات السباحة، توفير مياه الاستحمام، وغسل المناشف، تجد نفسها في مأزق بين الحفاظ على مستوى الخدمة العالي الذي تشتهر به وبين مواجهة نقص الموارد المائية. هذا الوضع لا يؤثر فقط على تجربة السياح، بل يهدد أيضًا بتقليص الإيرادات السياحية التي تشكل نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا.

وتشهد مقاطعة إزمير أزمة حادة، حيث اضطر السكان المحليون إلى سحب المياه من عمق 170 مترًا بسبب الجفاف الشديد، بينما تستمر الفنادق في ملء مسابحها وتشغيل مرافقها. في مدينة تشيشمي، وهي منتجع سياحي شهير، تم فرض تقنين على مياه الشرب لمدة 10 ساعات يوميًا، مع خطط لتوسيع التقنين إلى 6 ساعات يوميًا في إزمير بأكملها. يعبر السكان المحليون، مثل علي علياناك، عن استيائهم من الاستهلاك المفرط للمياه في القطاع السياحي، حيث يُشار إلى أن تبخر مياه المسابح وغسل المناشف يوميًا يفاقمان من الأزمة. كما أن الفنادق الكبيرة، التي تمتلك خزانات مياه خاصة، تتمكن من التكيف بشكل أفضل من الفنادق الصغيرة التي تعاني من نقص حاد، مما يؤدي إلى إلغاء بعض الحجوزات السياحية.

في السياق ذاته، ذكر موقع آراب ويكلي أن أزمة المياه تهدد بتقويض مكانة تركيا كوجهة سياحية رئيسية. الفنادق تواجه تحديات لوجستية ومالية، حيث تلجأ بعض المنشآت إلى استيراد المياه بتكاليف باهظة أو تقليص الخدمات، مما يؤثر على رضا الزوار. التقرير يشير إلى أن السياح، الذين يتوقعون مستوى عالٍ من الرفاهية، بدأوا يواجهون قيودًا مثل انخفاض ضغط المياه أو انقطاعها المتكرر، مما قد يدفع البعض إلى اختيار وجهات أخرى مثل اليونان أو إسبانيا. هذا الوضع يضع ضغطًا إضافيًا على أصحاب الفنادق، الذين يخشون من تراجع الحجوزات في موسم الذروة السياحية.

من جهة أخرى، قالت وكالة الأناضول التركية إن انخفاض منسوب المياه في سد إزمير كشف عن طريق بري قديم كان مغمورًا بالمياه لعقود، مما يعكس شدة الجفاف. فقد تراجعت نسبة امتلاء السد من 22.3% في العام الماضي إلى 3.1% فقط في أغسطس 2025، وهو مؤشر خطير على استنزاف الموارد المائية في المناطق الساحلية. هذا الانخفاض يؤثر ليس فقط على السياحة، بل أيضًا على الزراعة والاحتياجات اليومية للسكان المحليين، مما يفاقم التوترات بين القطاعات المختلفة.

وتتعدد أسباب هذه الأزمة، حيث يُعزى جزء كبير منها إلى تغير المناخ الذي أدى إلى انخفاض هطول الأمطار وزيادة موجات الحر. إضافة إلى ذلك، يُشير خبراء البيئة إلى أن سوء إدارة الموارد المائية وسياسات الري غير الفعالة في المناطق الزراعية المجاورة للساحل قد ساهما في تفاقم المشكلة. على سبيل المثال، تُستهلك كميات كبيرة من المياه في ري المحاصيل بطرق تقليدية غير مستدامة، مما يقلل من حصة المناطق السياحية. كما أن النمو السريع في عدد المنشآت السياحية على الساحل التركي خلال العقود الماضية لم يُقترن بخطط طويلة الأمد لإدارة الموارد المائية، مما جعل المنطقة عرضة للأزمات.

تثير هذه الأزمة أيضًا مخاوف اجتماعية وبيئية، حيث يتنافس السكان المحليون والقطاع السياحي على الموارد المائية المحدودة. في تشيشمي، على سبيل المثال، يشتكي السكان من أن الفنادق تحصل على حصص مياه تفضيلية، بينما يعاني الأهالي من انقطاعات متكررة. هذا الوضع يُفاقم الفجوة بين المجتمعات المحلية وصناعة السياحة، التي تُتهم أحيانًا بالاستحواذ على الموارد على حساب السكان. ووفقًا لتقرير آراب ويكلي، فإن هذا التوتر قد يؤدي إلى احتجاجات محلية إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لتحسين توزيع المياه.

في محاولة لمواجهة الأزمة، بدأت الحكومة التركية بتطوير مشاريع لتحلية المياه وبناء بنية تحتية جديدة لإدارة الموارد المائية. لكن هذه المشاريع تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك التكاليف الباهظة والحاجة إلى وقت طويل للتنفيذ. على سبيل المثال، تُعد محطات تحلية المياه حلًا واعدًا، لكنها تتطلب استثمارات ضخمة واستهلاكًا عاليًا للطاقة، مما يثير تساؤلات حول استدامتها في ظل الضغوط الاقتصادية التي تواجهها تركيا. علاوة على ذلك، هناك دعوات متزايدة لتعزيز الوعي بترشيد استهلاك المياه بين السياح وأصحاب الفنادق، مثل تقليل غسل المناشف يوميًا أو إعادة استخدام مياه المسابح بعد معالجتها.

تُعد أزمة المياه على الساحل السياحي التركي تحديًا معقدًا يتطلب حلولًا شاملة تجمع بين الاستثمار في البنية التحتية، تحسين إدارة الموارد، وتعزيز التعاون بين القطاع السياحي والمجتمعات المحلية. 

وبدون استراتيجية مستدامة، قد تفقد تركيا جزءًا من جاذبيتها كوجهة سياحية رائدة، مما يؤثر على اقتصادها وسمعتها العالمية. الجهود الحالية، وسط محاولات للتخفيف من الأزمة، لكن التحدي يكمن في التنفيذ السريع والفعال لضمان استمرار ازدهار الساحل التركي كوجهة سياحية عالمية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حازم بدوي: الهيئة الوطنية للإنتخابات عملت على نشر الوعي للمواطنين
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة